صديقة جديدة.. عرفتها منذ شهور، متقلبة المزاج كانت، وأنا بطبعي أعشق النساء اللاتي تتقلب أمزجتهن، أعتبرهن مغامرة وتحدياً ولغزاً يجب حله بعقلانية وذكاء، صديقتي حادة الطباع وهوائية ـ ومَن من النساء ليست كذلك؟! ـ وسريعة التغير، بعد فترة قصيرة من صدفة لقائنا أهدتني باقة ورد بغير مناسبة ـ ومَن من النساء تحتاج مناسبة كي تهديك شيئاً ما؟! ـ وبغير انتظار، غير أنها علي الرغم من ذلك لم تحاول أن تعبر الخط الوهمي الواهي الفاصل بين الصداقة وما عداها، بل حافظت علي مسافة البعد القريبة ومساحة القرب البعيدة وحافظت علي حسن صداقتها كما تحافظ علي حسنها وبهائها، فاكتفيت أنا من جانبي بوجودها في محيطي أو وجودي في محيطها، ونالني من ذلك شيء من راحة البال واكتسبت مع الوقت شيئاً من الاطمئنان لها وبها.
حين ظهرت بغير سابق إنذار أنياب النمرة الرابضة بداخلها لم أندهش كثيراً ـ فمن من النساء لا تمتلك مثل هذه الأنياب داخلها؟! ـ ولم أتوجع مما طالني منها، بل تركتها تخرج ما في جعبتها وتفرغ سحبها علي شواطئ صبري علها تهدأ وترجع لحالها الذي اعتدته منها واعتدتها عليه، وهو الصبر الذي أتي ثماره حين عادت لسابق عهدها فجأة وبنفس السرعة التي تحولت بها أول الأمر، بعد هذا التحول كنت قد اعتدت تقلباتها وصرت أتوقعها قبيل حدوثها.
لكنها كانت تمتلك الكثير الذي تقدر أن تدهشني به ـ ومَن من النساء ليست كذلك؟! ـ فهدهتني حين انتظرت عواصفها وعنفتني حين توقعتها حانية، ضمتني في اللحظة التي تنبأت فيها برحيلها، وبعدها نأت بجانبها وأعرضت حين حسبتها دانية، وبقينا علي هذه الحال طوال مسيرنا صعوداً وهبوطاً.
ككل النساء حكت لي عن آخرين وشغلتني بأخبارهم ، ثم عادت لتشعرني أني محور الكون وكل أحداثه تمر من تحت أنفي، وأقداره تصنعها نزواتي وأفكاري، داعبت رجولتي وعنفواني حتي أوصلتني للشعور بأن العالم بين راحتي أقلبه كيفما شئت ـ ومَن من النساء لا تقدر علي هذا؟! ـ ثم ألقتني بعدها مباشرة بغير هدنة أو هدأة إلي هوة النسيان وغيابات جب الصمت واجترار السكوت.
دورتني ودوختني ولهت بي ومعي، نضجت وشاخت وتصابت وأحزنت وأضحكت وأشرقت وأظلمت وظلمت وأنصفت، كل هذا وأنا معها لا أجد لي منها ملاذاً ولا مهرباً.
وأخيراً تأنقت وتألقت وارتدت أحلي ما لديها لتداري أثار الكبر التي بدأت تهزمها ومرت عليّ في زفة منيرية الصوت والموسيقي لتعلمني برحيلها ولتعرفني في الوقت ذاته بصديقة جديدة ستتركها لتصاحبني إذ هي راحلة بعد أن ذبل ورقها وغاب رحيقها فاتخذت قرارها ـ منفردة ـ بالذهاب خوفاً من أن أسألها أنا الرحيل، تركت لي صديقتها زاهية الأوراق فواحة العطر المحتفظة بصباها مازالت، رافعة رأسها بزهو النساء ـ فاتحة أحضانها لاستقبالي دون أن أري ما تخبئ خلف ظهرها ودون أن أبصر أشواكها التي أعلم أنها موجودة حتماً بين الأغصان شأنها في ذلك شأن سابقتها وسابقاتهما.. «حكم الزهور زي الستات.. لكل نوع معني ومغني»، لكن وعلي الرغم من تعدد الأنواع وتبدل الغناء فأنا قد صرت علي يقين بأن «كلهن سواء.. كلهن نساء» وأعرف أيضاً أن صديقتي الجديدة راحلة لا محالة ومفارقة هي الأخري.. بعد إثني عشر شهراً.. ككل سنة
ــــــــــــــــــــ
منقول
حين ظهرت بغير سابق إنذار أنياب النمرة الرابضة بداخلها لم أندهش كثيراً ـ فمن من النساء لا تمتلك مثل هذه الأنياب داخلها؟! ـ ولم أتوجع مما طالني منها، بل تركتها تخرج ما في جعبتها وتفرغ سحبها علي شواطئ صبري علها تهدأ وترجع لحالها الذي اعتدته منها واعتدتها عليه، وهو الصبر الذي أتي ثماره حين عادت لسابق عهدها فجأة وبنفس السرعة التي تحولت بها أول الأمر، بعد هذا التحول كنت قد اعتدت تقلباتها وصرت أتوقعها قبيل حدوثها.
لكنها كانت تمتلك الكثير الذي تقدر أن تدهشني به ـ ومَن من النساء ليست كذلك؟! ـ فهدهتني حين انتظرت عواصفها وعنفتني حين توقعتها حانية، ضمتني في اللحظة التي تنبأت فيها برحيلها، وبعدها نأت بجانبها وأعرضت حين حسبتها دانية، وبقينا علي هذه الحال طوال مسيرنا صعوداً وهبوطاً.
ككل النساء حكت لي عن آخرين وشغلتني بأخبارهم ، ثم عادت لتشعرني أني محور الكون وكل أحداثه تمر من تحت أنفي، وأقداره تصنعها نزواتي وأفكاري، داعبت رجولتي وعنفواني حتي أوصلتني للشعور بأن العالم بين راحتي أقلبه كيفما شئت ـ ومَن من النساء لا تقدر علي هذا؟! ـ ثم ألقتني بعدها مباشرة بغير هدنة أو هدأة إلي هوة النسيان وغيابات جب الصمت واجترار السكوت.
دورتني ودوختني ولهت بي ومعي، نضجت وشاخت وتصابت وأحزنت وأضحكت وأشرقت وأظلمت وظلمت وأنصفت، كل هذا وأنا معها لا أجد لي منها ملاذاً ولا مهرباً.
وأخيراً تأنقت وتألقت وارتدت أحلي ما لديها لتداري أثار الكبر التي بدأت تهزمها ومرت عليّ في زفة منيرية الصوت والموسيقي لتعلمني برحيلها ولتعرفني في الوقت ذاته بصديقة جديدة ستتركها لتصاحبني إذ هي راحلة بعد أن ذبل ورقها وغاب رحيقها فاتخذت قرارها ـ منفردة ـ بالذهاب خوفاً من أن أسألها أنا الرحيل، تركت لي صديقتها زاهية الأوراق فواحة العطر المحتفظة بصباها مازالت، رافعة رأسها بزهو النساء ـ فاتحة أحضانها لاستقبالي دون أن أري ما تخبئ خلف ظهرها ودون أن أبصر أشواكها التي أعلم أنها موجودة حتماً بين الأغصان شأنها في ذلك شأن سابقتها وسابقاتهما.. «حكم الزهور زي الستات.. لكل نوع معني ومغني»، لكن وعلي الرغم من تعدد الأنواع وتبدل الغناء فأنا قد صرت علي يقين بأن «كلهن سواء.. كلهن نساء» وأعرف أيضاً أن صديقتي الجديدة راحلة لا محالة ومفارقة هي الأخري.. بعد إثني عشر شهراً.. ككل سنة
ــــــــــــــــــــ
منقول