علاج الاكتئاب ضروري لمنع موت خلايا الدماغ
الاكتئاب يتلف خلايا الدماغ ويسبب فقدان الذاكرة، ناهيك عن تأثيراته السلبية في حياة المصاب به. فهل يجب تناول مضادات الاكتئاب لتفادي مضاعفاته؟ سؤال يحير الكثيرين لاسيما، أن تلك الأدوية العلاجية متهمة بتسببها في الإدمان.
يتهم البعض مضادات الاكتئاب بأنها أدوية تجعل مستخدمها مدمناً، في حين يرى قسم آخر أنها لا تعطي نتائج جيدة أو لا فائدة منها. لماذا هذا التناقض بين الرأيين؟ ومتى يجب تناول مضادات الاكتئاب؟ وهل ثمة تأثيرات جانبية لها؟
أوصت دراسة دنماركية بضرورة علاج الاكتئاب قبل أن يؤثر سلباً في خلايا المخ التي لا يمكن التعويض عنها إذا ماتت. فقد أظهرت الدراسة أن المصابين بالاكتئاب، هم أكثر عرضة للإصابات الدماغية. إذ بيَّنت أن التجارب والخبرات الحياتية الضاغطة، من الناحيتين النفسية والبدنية، تتسبب في فقدان وموت بعض الخلايا في منطقة «الهيبوكامبس»، أو «قرن آمون»، وهذه المنطقة معروفة بالنسبة إلى العلماء بأنها تلعب دوراً مهماً في تطور التعلُّم ونشاط الذاكرة، وحالات المزاج وتقلباته، ولها دور بارز في تحديد طبيعة ودرجة المشاعر العاطفية، كما أنها واحدة من المناطق القليلة في الدماغ التي تستمر فيها الخلايا في النشوء والنمو والتطور حتى مراحل متقدمة من البلوغ. وقد أكدت الدراسة أيضاً أن تعاطي مضادات الاكتئاب يمكن أن يوقف عملية فقدان تلك الخلايا. إذ اكتشف العلماء أن تعاطي هذه الأدوية لفترات طويلة يرتبط بنمو وظهور خلايا جديدة، تُعرف علمياً باسم النيورونات.
يتفق الأطباء على أن تناول مضادات الاكتئاب يجب أن يكون في الحالات الشديدة التي تؤثر في مجرى حياة الإنسان. فالاكتئاب قد يقلب حياة المصاب به رأساً على عقب، بشكل تصبح فيه أبسط الأفعال مثل الاستيقاظ صباحاً، أعمالاً مرهقة يصعب تأديتها، كما يفقد الإنسان شهيته للطعام ويُصاب بالأرق، ويميل إلى العزلة، وتسيطر الأفكار السوداء عليه لدرجة تصل إلى التفكير في الانتحار. في هذه الحال وجب تناول مضادات الاكتئاب لأنها تساعد على الخروج من هذه الحفرة المظلمة، لاسيّما أن الدراسات أثبتت فاعلية تلك الأدوية في السيطرة على حالات الاكتئاب المتوسطة إلى الشديدة.
٣٠ ألف مراهق يخضعون لعلاج بمضادات الاكتئاب في فرنسا وحدها,هذا ويرى بعض الأطباء أن ثمة نوعين من الاكتئاب، واحد وراثي يتحتم علاجه بالأدوية، وآخر تفاعلي ينتج عن الضغوط النفسية الشديدة أو الحرمان، ويمكن علاجه عن طريق ممارسة التمارين الرياضية أو تمارين الاسترخاء بعيداً عن الأدوية. إذ لا ينصح الأطباء بتناول مضادات الاكتئاب في مثل الحالة الأخيرة.
التشخيص:
الشعور بالحزن أو الانزعاج جراء ظرف أو حادثة، هو أمر طبيعي وقد لا يعني بالضرورة الإصابة بالاكتئاب. في هذه الحال، كيف يعرف الإنسان ما إذا كان مصاباً فعلياً بالاكتئاب؟
حدة الأعراض، هي التي تحدد حاجة الشخص إلى علاج بالأدوية. فالمشكلة الأساسية تكمن في قدرة الطبيب على التفريق بين حالة الحزن الطبيعي وحالة الاكتئاب الحقيقية. وهنا تبرز أهمية خبرة الطبيب في تشخيص هذه الحالات. إذ عليه أن يأخذ وقته في التحدث مع المريض للتأكد من وضعه، فثمة عوامل عدة تسهم في الإصابة بالاكتئاب، منها الجينات والبيئة والأحداث اليومية والحالة الصحية وردود فعل الإنسان في حد ذاته على متغيرات الحياة.
آلية عمل الدواء:
إنه يحدث اختلالاً في مستويات المواد الكيميائية والناقلات العصبية في الدماغ أثناء نوبة الاكتئاب، فتتعطل المسارات التي تتيح عملية الاتصال بين الناقلات العصبية، ويهبط مستوى بعضها الآخر. هنا يأتي دور مضادات الاكتئاب التي تعمل على رفع تلك المستويات. أدوية الجيل الجديد من مضادات الاكتئاب لديها تأثير في السيروتونين، أحد الناقلات العصبية، في حين أن بعض المنتجات الحديثة تعمل على رفع مستويات «النورادرينالين». ولا يزال الطب في انتظار إنتاج دواء «الاغوميلاتين» الذي يعمل على هرمون «الميلاتونين» المعروف بقدرته على السيطرة على اضطرابات النوم التي تعد من الأعراض الشائعة لدى المكتئبين.
أي مضاد اكتئاب؟
ثَمَّة أنواع مختلفة من أدوية مضادات الاكتئاب، بعضها أكثر فاعلية، مثل أدوية البروزاك أو «الفليوكزيتين» fluoxetine، وهي تناسب المكتئبين الذين يعانون إرهاقاً شديداً لدرجة العجز عن تأدية الأعمال البسيطة. وهناك أدوية أخرى مثل الباروكزيتين (ديروكزات) تُحدث تأثيراً منوماً، وهي تفيد المرضى الذين يشعرون بالقلق أو الأرق. وعلى الرغم من تأكيد الدراسات فاعلية مضادات الاكتئاب، يلاحَظ في بعض الحالات عدم فاعليتها، حتى بعد تناولها لفترة 6 أســــــــــــابيع متواصــــلة. إذ تشــــــير الإحصاءات إلى أن 20 إلى 30 في المئة من المرضى يُظهرون مقاومة تجاهها من دون معرفة السبب. وهذا ما يفسر قيام المريض بتجربة أنواع عدة من الأدوية بهدف العثور على الدواء المناسب له. في المقابل، يرى بعض الأطباء أن الخطأ في التشخيص قد يكون أحد أسباب عدم فاعلية الدواء، الذي يوصف لشخص لا يعاني أصلاً الاكتئاب، بل حالة أخرى تتشابه أعراضها وأعراض المرض.
لا شفاء نهائياً:
سيُصاب الأشخاص الذين يعتقدون أنّ مضادات الاكتئاب ستشفيهم من مرضهم بخيبة أمل كبرى. إذ إن تلك الأدوية تساعد على الخروج من الحفرة السوداء التي يقع فيها المكتئب، لكنها لا تقضي على المرض نهائياً. يعتبر الأطباء أنّ الدواء، على الرغم من فاعليته وتأثيراته الايجابية، جزء من عملية علاج الاكتئاب التي تتضمّن أيضاً علاجاً نفسياً إلى جانب بعض العوامل البيئية. مثلاً، إذا كان فقدان السكن أو العمل، العامل المحفز لظهور أعراض الاكتئاب، فإن عدم حل تلك المشكلة سيؤثر سلباً في فاعلية مضادات الاكتئاب، بحيث إنها لا تعطي أي نتيجة إيجابية.
كذلك، لا تستطيع تلك الأدوية منع حدوث انتكاسة، أي أنها لا تحمي الشخص من الاكتئاب، فثمة احتمال كبير أن تعاوده الأعراض، لاسيما أن هذا المرض غالباً ما يترك أثراً ما. تشير الإحصاءات العلمية إلى أن نصف المكتئبين يعانون آثاراً سيكولوجية، تتجلّى في اضطرابات النوم، وفقدان الثقة بالنفس، إضافة إلى القلق، وفي مثل هذه الحالات الهشة تفقد مضادات الاكتئاب فاعليتها.
مدة العلاج:
تستمر نوبة الاكتئاب من 4 أسابيع إلى ستة شهور، ما يعني أن على المريض الاستمرار في تناول دوائه طيلة هذه الفترة، لأن إيقاف العلاج قبل تلك المدة، يزيد من خطر عودة الاكتئاب. يشير الأطباء إلى ضرورة تناول الدواء على مدى أسبوعين أو 3 أسابيع كحد أدنى للبدء في لمس نتائج ايجابية. لكن للأسف، أغلبية المرضى يقعون في فخ وقف العلاج بمجرد شعورهم بالتحسن.
تأثيرات جانبية:
اشتهرت أدوية الجيل الأول من مضادات الاكتئاب التي ظهرت في الخمسينات من القرن الماضي بتأثيراتها الجانبية المؤلمة، مثل جفاف الفم، هبوط الضغط، والرجَفَان. من حُسن الحظ أن الأطباء توقفوا عن استخدامها، إلا في حال فشل الأدوية الحديثة مثل المثبطات الانتقائية، لاستعادة السيروتونين ISRS في إعطاء النتيجة المرجوة. لكن هذا لا يعني أن أدوية الجيل الحديث تخلو من الآثار الجانبية، وإنما تأثيراتها عادة، هي أقل من أدوية الجيل الأول، وتنحصر في الجانب الجنسي. إذ يعاني المريض انخفاضاً في الرغبة الجنسية أو ضعفاً جنسياً.
ليست إدماناً:
لا يمكن اعتبار مضادات الاكتئاب بمثابة المخدرات، بمعنى أن مَن يتعاطاها لا يدمنها، لدرجة يعجز فيها عن الاستغناء عنها، ولا يحتاج الفرد إلى زيادة الجرعة ليشعر بتحسن، كما هي الحال في تعاطي المواد المخدرة. لكن، يختلف المشهد مع أدوية البينــــزوديازيبيـــن، أو المهدئـــــات التي تُوصَف أحياناً مع مضادات الاكتئاب، التي تُعرِّض متناولها لخطر الوقوع في دوامة الإدمان. في المقابل، التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب لا يتم بين عشية وضحاها. إذ تشير الإحصاءات إلى أن 25 في المئة من المرضى، الذين يتوقفون فجأة عن تناول دوائهم، يشعرون بأعراض غير مستحبة مثل صداع ودوار وأرق. لذا فان إنهاء العلاج يجب أن يتم تدريجياً، بحيث تستمر العملية على مدى أسبوعين أو أكثر. وفي هذه المرحلة يجب اتّباع نصائح الطبيب بحذافيرها، لاسيما من قِبَل المرضى الأكثر قلقاً.
المصدر:
مجلة زهرة الخليج 18 مايو 2009 م
اقرأ أيضًا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الاكتئاب يتلف خلايا الدماغ ويسبب فقدان الذاكرة، ناهيك عن تأثيراته السلبية في حياة المصاب به. فهل يجب تناول مضادات الاكتئاب لتفادي مضاعفاته؟ سؤال يحير الكثيرين لاسيما، أن تلك الأدوية العلاجية متهمة بتسببها في الإدمان.
يتهم البعض مضادات الاكتئاب بأنها أدوية تجعل مستخدمها مدمناً، في حين يرى قسم آخر أنها لا تعطي نتائج جيدة أو لا فائدة منها. لماذا هذا التناقض بين الرأيين؟ ومتى يجب تناول مضادات الاكتئاب؟ وهل ثمة تأثيرات جانبية لها؟
أوصت دراسة دنماركية بضرورة علاج الاكتئاب قبل أن يؤثر سلباً في خلايا المخ التي لا يمكن التعويض عنها إذا ماتت. فقد أظهرت الدراسة أن المصابين بالاكتئاب، هم أكثر عرضة للإصابات الدماغية. إذ بيَّنت أن التجارب والخبرات الحياتية الضاغطة، من الناحيتين النفسية والبدنية، تتسبب في فقدان وموت بعض الخلايا في منطقة «الهيبوكامبس»، أو «قرن آمون»، وهذه المنطقة معروفة بالنسبة إلى العلماء بأنها تلعب دوراً مهماً في تطور التعلُّم ونشاط الذاكرة، وحالات المزاج وتقلباته، ولها دور بارز في تحديد طبيعة ودرجة المشاعر العاطفية، كما أنها واحدة من المناطق القليلة في الدماغ التي تستمر فيها الخلايا في النشوء والنمو والتطور حتى مراحل متقدمة من البلوغ. وقد أكدت الدراسة أيضاً أن تعاطي مضادات الاكتئاب يمكن أن يوقف عملية فقدان تلك الخلايا. إذ اكتشف العلماء أن تعاطي هذه الأدوية لفترات طويلة يرتبط بنمو وظهور خلايا جديدة، تُعرف علمياً باسم النيورونات.
يتفق الأطباء على أن تناول مضادات الاكتئاب يجب أن يكون في الحالات الشديدة التي تؤثر في مجرى حياة الإنسان. فالاكتئاب قد يقلب حياة المصاب به رأساً على عقب، بشكل تصبح فيه أبسط الأفعال مثل الاستيقاظ صباحاً، أعمالاً مرهقة يصعب تأديتها، كما يفقد الإنسان شهيته للطعام ويُصاب بالأرق، ويميل إلى العزلة، وتسيطر الأفكار السوداء عليه لدرجة تصل إلى التفكير في الانتحار. في هذه الحال وجب تناول مضادات الاكتئاب لأنها تساعد على الخروج من هذه الحفرة المظلمة، لاسيّما أن الدراسات أثبتت فاعلية تلك الأدوية في السيطرة على حالات الاكتئاب المتوسطة إلى الشديدة.
٣٠ ألف مراهق يخضعون لعلاج بمضادات الاكتئاب في فرنسا وحدها,هذا ويرى بعض الأطباء أن ثمة نوعين من الاكتئاب، واحد وراثي يتحتم علاجه بالأدوية، وآخر تفاعلي ينتج عن الضغوط النفسية الشديدة أو الحرمان، ويمكن علاجه عن طريق ممارسة التمارين الرياضية أو تمارين الاسترخاء بعيداً عن الأدوية. إذ لا ينصح الأطباء بتناول مضادات الاكتئاب في مثل الحالة الأخيرة.
التشخيص:
الشعور بالحزن أو الانزعاج جراء ظرف أو حادثة، هو أمر طبيعي وقد لا يعني بالضرورة الإصابة بالاكتئاب. في هذه الحال، كيف يعرف الإنسان ما إذا كان مصاباً فعلياً بالاكتئاب؟
حدة الأعراض، هي التي تحدد حاجة الشخص إلى علاج بالأدوية. فالمشكلة الأساسية تكمن في قدرة الطبيب على التفريق بين حالة الحزن الطبيعي وحالة الاكتئاب الحقيقية. وهنا تبرز أهمية خبرة الطبيب في تشخيص هذه الحالات. إذ عليه أن يأخذ وقته في التحدث مع المريض للتأكد من وضعه، فثمة عوامل عدة تسهم في الإصابة بالاكتئاب، منها الجينات والبيئة والأحداث اليومية والحالة الصحية وردود فعل الإنسان في حد ذاته على متغيرات الحياة.
آلية عمل الدواء:
إنه يحدث اختلالاً في مستويات المواد الكيميائية والناقلات العصبية في الدماغ أثناء نوبة الاكتئاب، فتتعطل المسارات التي تتيح عملية الاتصال بين الناقلات العصبية، ويهبط مستوى بعضها الآخر. هنا يأتي دور مضادات الاكتئاب التي تعمل على رفع تلك المستويات. أدوية الجيل الجديد من مضادات الاكتئاب لديها تأثير في السيروتونين، أحد الناقلات العصبية، في حين أن بعض المنتجات الحديثة تعمل على رفع مستويات «النورادرينالين». ولا يزال الطب في انتظار إنتاج دواء «الاغوميلاتين» الذي يعمل على هرمون «الميلاتونين» المعروف بقدرته على السيطرة على اضطرابات النوم التي تعد من الأعراض الشائعة لدى المكتئبين.
أي مضاد اكتئاب؟
ثَمَّة أنواع مختلفة من أدوية مضادات الاكتئاب، بعضها أكثر فاعلية، مثل أدوية البروزاك أو «الفليوكزيتين» fluoxetine، وهي تناسب المكتئبين الذين يعانون إرهاقاً شديداً لدرجة العجز عن تأدية الأعمال البسيطة. وهناك أدوية أخرى مثل الباروكزيتين (ديروكزات) تُحدث تأثيراً منوماً، وهي تفيد المرضى الذين يشعرون بالقلق أو الأرق. وعلى الرغم من تأكيد الدراسات فاعلية مضادات الاكتئاب، يلاحَظ في بعض الحالات عدم فاعليتها، حتى بعد تناولها لفترة 6 أســــــــــــابيع متواصــــلة. إذ تشــــــير الإحصاءات إلى أن 20 إلى 30 في المئة من المرضى يُظهرون مقاومة تجاهها من دون معرفة السبب. وهذا ما يفسر قيام المريض بتجربة أنواع عدة من الأدوية بهدف العثور على الدواء المناسب له. في المقابل، يرى بعض الأطباء أن الخطأ في التشخيص قد يكون أحد أسباب عدم فاعلية الدواء، الذي يوصف لشخص لا يعاني أصلاً الاكتئاب، بل حالة أخرى تتشابه أعراضها وأعراض المرض.
لا شفاء نهائياً:
سيُصاب الأشخاص الذين يعتقدون أنّ مضادات الاكتئاب ستشفيهم من مرضهم بخيبة أمل كبرى. إذ إن تلك الأدوية تساعد على الخروج من الحفرة السوداء التي يقع فيها المكتئب، لكنها لا تقضي على المرض نهائياً. يعتبر الأطباء أنّ الدواء، على الرغم من فاعليته وتأثيراته الايجابية، جزء من عملية علاج الاكتئاب التي تتضمّن أيضاً علاجاً نفسياً إلى جانب بعض العوامل البيئية. مثلاً، إذا كان فقدان السكن أو العمل، العامل المحفز لظهور أعراض الاكتئاب، فإن عدم حل تلك المشكلة سيؤثر سلباً في فاعلية مضادات الاكتئاب، بحيث إنها لا تعطي أي نتيجة إيجابية.
كذلك، لا تستطيع تلك الأدوية منع حدوث انتكاسة، أي أنها لا تحمي الشخص من الاكتئاب، فثمة احتمال كبير أن تعاوده الأعراض، لاسيما أن هذا المرض غالباً ما يترك أثراً ما. تشير الإحصاءات العلمية إلى أن نصف المكتئبين يعانون آثاراً سيكولوجية، تتجلّى في اضطرابات النوم، وفقدان الثقة بالنفس، إضافة إلى القلق، وفي مثل هذه الحالات الهشة تفقد مضادات الاكتئاب فاعليتها.
مدة العلاج:
تستمر نوبة الاكتئاب من 4 أسابيع إلى ستة شهور، ما يعني أن على المريض الاستمرار في تناول دوائه طيلة هذه الفترة، لأن إيقاف العلاج قبل تلك المدة، يزيد من خطر عودة الاكتئاب. يشير الأطباء إلى ضرورة تناول الدواء على مدى أسبوعين أو 3 أسابيع كحد أدنى للبدء في لمس نتائج ايجابية. لكن للأسف، أغلبية المرضى يقعون في فخ وقف العلاج بمجرد شعورهم بالتحسن.
تأثيرات جانبية:
اشتهرت أدوية الجيل الأول من مضادات الاكتئاب التي ظهرت في الخمسينات من القرن الماضي بتأثيراتها الجانبية المؤلمة، مثل جفاف الفم، هبوط الضغط، والرجَفَان. من حُسن الحظ أن الأطباء توقفوا عن استخدامها، إلا في حال فشل الأدوية الحديثة مثل المثبطات الانتقائية، لاستعادة السيروتونين ISRS في إعطاء النتيجة المرجوة. لكن هذا لا يعني أن أدوية الجيل الحديث تخلو من الآثار الجانبية، وإنما تأثيراتها عادة، هي أقل من أدوية الجيل الأول، وتنحصر في الجانب الجنسي. إذ يعاني المريض انخفاضاً في الرغبة الجنسية أو ضعفاً جنسياً.
ليست إدماناً:
لا يمكن اعتبار مضادات الاكتئاب بمثابة المخدرات، بمعنى أن مَن يتعاطاها لا يدمنها، لدرجة يعجز فيها عن الاستغناء عنها، ولا يحتاج الفرد إلى زيادة الجرعة ليشعر بتحسن، كما هي الحال في تعاطي المواد المخدرة. لكن، يختلف المشهد مع أدوية البينــــزوديازيبيـــن، أو المهدئـــــات التي تُوصَف أحياناً مع مضادات الاكتئاب، التي تُعرِّض متناولها لخطر الوقوع في دوامة الإدمان. في المقابل، التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب لا يتم بين عشية وضحاها. إذ تشير الإحصاءات إلى أن 25 في المئة من المرضى، الذين يتوقفون فجأة عن تناول دوائهم، يشعرون بأعراض غير مستحبة مثل صداع ودوار وأرق. لذا فان إنهاء العلاج يجب أن يتم تدريجياً، بحيث تستمر العملية على مدى أسبوعين أو أكثر. وفي هذه المرحلة يجب اتّباع نصائح الطبيب بحذافيرها، لاسيما من قِبَل المرضى الأكثر قلقاً.
المصدر:
مجلة زهرة الخليج 18 مايو 2009 م
اقرأ أيضًا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);