البرنامج الانتخابي الجديد للرئيس.. كتب رئيس التحرير: عندما أطلق الرئيس حسني مبارك مبادرته الشهيرة في 26 فبراير 2005 بفتح باب الترشيح للرئاسة امام عدة مرشحين وانهاء عصر الاستفتاءات للأبد ثم اتبعها بعد ذلك ببرنامجه الانتخابي الشهير الذي اختاره الشعب بناء عليه ولف فيه المحافظات واطلق دعوة التنمية الدائمة. وقتها لم يصدق كثيرون أن هذا البرنامج قابل للتطبيق وقالوا انه شعارات ودعاية ما تلبث ان تزوي بمجرد انتهاء الانتخابات.. والآن بعد مرور خمسة اعوام علي تنفيذ البرنامج هناك الكثير تم تحقيقه.. كثيرون شعروا بأن حياتهم اختلفت. واذا لم تصدق المعارضة فعليها أن تبحث عن ارقام التأمينات الجديدة التي فتحت لمليون عامل وموظف خلال الفترة السابقة.. صحيح ان الناس تعاني الأمرين من الاسعار ومن غياب الخدمات ومن نقص بعض السلع وتراجع المحاصيل.. لكن هذا لاينفي الاصلاحات ومشروع الالف قرية ومعاشات الضمان الاجتماعي واصدار بطاقات تموين لحوالي 50 مليون شخص وشق طرق جديدة.. لم يقل الرئيس ولا أحد المسئولين ان مصر أصبحت دولة عظمي واكتمل لها الرخاء.. ان الذين يبدون حقهم في الاعتراض علي سياسات الحكومة لايجب ان يغفلوا اشياء هامة وهي أن الاقتصاد المصري لو لم يكن قويا لفشلنا في خلق 4.3 مليون فرصة عمل في أربعة أعوام.. الدول الكبري سرحت العمال والموظفين.. البنوك العالمية الكبري في امريكا اغلقت ابوابها.. طوابير من يحصلون علي اعانة بطالة في الولايات المتحدة وصلت الي 80 مليون امريكي..لكن البنوك في مصر لم تعجز يوما عن رد وديعة او تعتذر لمودع عن نقص السيولة أو تتعلل بأن الاصلاح السياسي تأخر وبالتالي فان الاقتصاد متعثر. ميزة الرئيس مبارك انه "واقعي" عاش بين الناس.. يعرفهم ويعرفونه.. خدم في كل محافظات مصر عندما تولي قيادة القواعد الجوية في بني سويف وبلبيس وعشرين قاعدة جوية مصرية أخري في انحاء البلاد .. يعرفها ككف يده.. لذلك عندما يذهب لمحافظة ما مثلما حدث في بني سويف أو الفيوم أو سوهاج تجده يسأل الناس عن حياتهم التي رآها وعايشها رأي العين.. حسني مبارك لم يعرف مصر من خلال نشرات أخبار وافلام فيديو علي القنوات الاوروبية والأمريكية ولم يفهم مشاكلها من خلال وسطاء شرحوا له واقنعوه بأن البلد ينتظره ويفتح ذراعيه له لينقذه من أزماته.. مصداقية الرئيس حسني مبارك هي أهم دعائم شرعيته.. لايعد الا بما يستطيع.. ولايتحدث الا عن الممكن.. الناس وثقت به لانه لم يخدعها أو يتحدث لها عن غد مشرق بالديمقراطية بينما هم يعانون الامرين في التعليم والصحة والخدمات. الرئيس يتحدث لغة يفهمها الناس.. هو منهم وهم منه.. كان مبارك في بني سويف في الاول من مارس الحالي وتحدث للناس وذكرهم أن أول مصانع في برنامج الالف مصنع تم فتحها عندهم في 2005 وصاحبها بعض مشروعات الكهرباء والمياه ثم زيارته لهم عام 2008 لافتتاح المرحلة الثانية من طريق حلوان الكريمات بني سويف وهو الطريق الذي يجعل مواطني المحافظة داخل القاهرة بعد 3 ساعات. الرئيس الواقعي يتحدث للناس عن اشياء يلمسونها في محافظاتهم.. لم تكن موجودة وظهرت.. الشعب يعرف جيدا ما الذي يتحدث عنه مبارك.. الخدمات والمرافق والبنية الاساسية اشياء لايمكن الزعم بانها خيال او لم تتحقق أو غير ذلك.. كانت زيارة مبارك لبني سويف بمثابة تدشين لبرنامج جديد يستكمل به برنامجه الانتخابي الذي ينتهي عام ..2011 هذا القائد والزعيم يتصرف بروح المقاتل الذي لا يستسلم لأزمة مالية عالمية أذلت عمالقة ورضخ لها كثيرون.. الرجل يتعهد وهو إذا ما وعد أوفي.. أكد أن مصر ماضية في إقامة 16 منطقة صناعية جديدة بشتي المحافظات "في السنوات القادمة".. بلدنا ليست القاهرة أو الإسكندرية.. هناك 26 محافظة أخري تحتاج اهتماما.. 16 منطقة صناعية تخصص لها الدولة الأراضي وتمد لها المرافق وتفتح الباب أمام القطاع الخاص لمزيد من التنمية.. هناك شرط واحد أن تكون كثيفة العمالة.. أن تفتح أبواب الرزق لشباب عاطل يريد فرصة لبناء أسرة وحياة كريمة والخروج إلي بر الأمان بعد أن أرهق والديه في النفقات ليكمل تعليمه. البرنامج الواقعي للرئيس مبارك يطرح شراكة جديدة بين الدولة والقطاع الخاص.. صيغة مثلي للنمو والتنمية.. صيغة تفتح أبواب الاستثمار والتصدير من ناحية وأبواب التوظيف ومحاصرة البطالة من ناحية أخري. البرنامج الانتخابي الجديد للرئيس مبارك ليس وهما أو خيالا ولكنه يستشهد بإمكانية تحقيقه مثلما تم في 6 أكتوبر والعاشر من رمضان والسادات وشرق التفريعة. الرئيس واقعي وصريح لأنه يعلم ان نمو قطاع الصناعة زاد من 3.5% عام 2004 إلي 8% عام 2008. لكنه عاد فتراجع إلي 4.2% بعد الأزمة المالية العالمية.. وكان طبيعياً أن تتراجع معه معدلات التشغيل والتوظيف.. وهذا هو الهم الأكبر للرئيس.. رفع معدل النمو في قطاع الصناعة.. وفتح مشروعات صغيرة ومتوسطة.. هذه المشروعات هي التي حققت نهضة إيطاليا واليابان والصين. الرئيس الواقعي يرعي أبناء الشعب.. لا يحدثهم عن شعارات وهم يسقطون فريسة للسماسرة وتجار السوق السوداء الذين يبيعون السلع بأضعاف أضعاف ثمنها.. لذلك يهتم الرئيس بتطوير قطاع التجارة الداخلية وزيادة منافذ التوزيع.. كثرة المعروض ستقلل الأسعار.. من ثم فالمحور الهام الذي سيركز عليه الرئيس في الفترة القادمة هو عدالة توزيع السلع الرئيسية والأساسية بين المحافظات وتقوية آليات الرقابة علي الأسواق حتي لا تستشري السوق السوداء وتزيد عملية المتاجرة بأرزاق الشعب.. السنوات القادمة ستشهد تطويرا في قطاعات التجارة الداخلية بحيث يتمكن المستهلك من الحصول علي السلع بأسعار الجملة وليس بأسعار الاستغلال.. منافذ التوزيع الجديدة ستكون بمحافظات الصعيد والدلتا والقناة.. سبعة مراكز تضرب الاحتكار وتحاصر المستغلين وتكسر شوكتهم.. الرئيس الواقعي عندما يتحدث عن مشكلة فهو يعرف حلولها ولا يطرح كلاما للاستهلاك المحلي.. لذلك عندما تحدث عن زيادة منافذ التوزيع فإنه يعرف أن الروتين سيقف في وجه هذه المناطق التجارية الجديدة.. سيظهر "عفريت" في كل قطعة أرض يطلب تصريحا وإذنا للبناء من خمسين إدارة وعشرين وزارة وثلاث محافظات.. ومن ثم فقد وجه الرئيس الحكومة والمحافظين نحو تذليل كل هذه العقبات في أول اجتماع.. لن يسمح مبارك في برنامجه الانتخابي الجديد باحتكار سلع أو المساعدة علي خلق سوق سوداء. الرئيس الواقعي يعرف أن التصدير هو المورد الأساسي للعملة الصعبة ومن ثم فهو يعمل علي زيادة الصادرات غير البترولية الأمر الذي يخلق مليون فرصة عمل أخري.. هذه الصادرات ارتفعت من 6.5 مليار دولار عام 2004 إلي 14 مليار دولار حاليا أي حوالي 77 مليار جنيه.. أصبحنا ندخل منافسة مع الدول الكبري في الأسواق الخارجية في مواد البناء والملابس الجاهزة والصناعات الكيماوية والهندسية والغذائية. الرئيس الواقعي يعلم أن الصادرات المصرية ستتعرض لمنافسة وأن المنتج الجيد يقف وراءه عامل ممتاز.. من ثم فهو عندما يتحدث عن زيادة التصدير لا يملك عصا سحرية يضرب بها المنتجات المصرية فتنفتح لها الأبواب في أوروبا وأمريكا. ولكنه يتكلم عن مركز استطاع تدريب نصف مليون عامل بتكلفة 250 مليون جنيه والموازنة الجديدة بها نفس المبلغ "250 مليون جنيه" لتدريب نصف مليون عامل آخر.. الرئيس مهتم جدا أن يصل العامل المصري لمستوي نظيره الآسيوي والأوروبي لذلك أعلم أن توجيهاته للمهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة وفايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي بالاهتمام بالتدريب المهني وإعادة التأهيل لتعزيز فرص الشباب في الحصول علي عمل يدر ربحا معقولا ويوفر حياة كريمة. الرئيس الواقعي يعرف أن الدولة لا يمكنها بمواردها المحدودة أن تلبي طموحاته الفذة لمستقبل المصريين لذلك يؤكد مبارك في نهاية برنامجه الانتخابي الجديد علي مشاركة القطاع الخاص مع الدولة.. ثنائية شرعية.. لا عودة للوراء والتمسك بأفكار الناصرية والشمولية.. ولا تمكين لرأس المال بالكامل بحيث يهيمن علي السلطة والقرار.. ولكن ثنائية تجمع الطرفين وتخلق منهما برنامجا قوميا لشراكة الدولة والقطاع الخاص.. عندما يعمل رأس المال في حضن الدولة فإنها تحميه من نفسه كما تحمي المجتمع منه إذا ما فكر في التحول لمص دماء الشعب تحت دعوي التنمية والتشغيل. نعم سيشارك القطاع الخاص في المرافق والطرق والخدمات وإقامة المناطق الصناعية والتجارية. ولكن تحت بصر وعين الرئيس نفسه.. لا تستر علي مخالفات أو استغلال نفوذ أو احتكار.. باختصار البرنامج الانتخابي الجديد للرئيس مبارك سيكون محاصرة البطالة وخلق الظروف وسن القوانين التي تمكننا من إنجاز هذه المهمة.. مضي زمن مهاجمة القطاع الخاص في كل مشروع.. الصحف الخاصة تهاجمه رغم أنها إحدي آلياته لأن الهدف في النهاية هو التشويش علي سياسة دولة وحكومة وليس تقييم تجربة بموضوعية. هذا هو الرئيس الواقعي.. أما أهل الافتراض والنظريات وتغيير الدستور والرقابة علي الانتخابات فهؤلاء شاهدوا مصر وعرفوها عن طريق الفيديو والميديا الغربية. وربما لو عاشوا فيها أكثر من 20 عاما يعرفونها أكثر ويتحدثون لغة أهلها.
انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل